جواد الساعدي.. عقلية متفتحة برؤية الاشياء الحزينة بعين متفائلة

.وهو فنان يستحق الاشادة به (( واقع خرافي عرض مسرحي مشاكس يثير فينا الالم ويجعلنا نفكر بحلم كبير ؟))

مخرج وممثل عرفناه من خلال المسرح المدرسي ومهرجانات المحافظات التي لم ترى النور بالشهرة وتسليط الضوء عليها و كم من طاقة أو موهبة أسدل الستار عليها بعد أن ينقضي مهرجان لم يتجاوز عروضه السبعة او الثمان عروض ل ايام معدودة ,في حين ظل النور يسطع في المركز العاصمة بغداد . لم تفكر وزارة الثقافة ولا وزارة التربية على مرور الاعوام السابقة بأن تضع في حساباتها ان المؤسسات الفنية ومنها مديرية النشاط المدرسي الذي كان له الفضل (النشاط المدرسي) في أسناد المسرح العراقي بالطاقات الفنية المقتدرة فنيا وعلميا لمرحلة طويلة من تاريخ المسرح العراقي ,أقول ان هذا المصنع الكبير ساهم في بلورة الكثير من الطاقات المسرحية للوجود والذين تربعوا بجدارة على خشبات مسرحنا العراقي ليومنا هذا ولذلك لم ينتبه ممن يقودون وزارتي التربية والثقافة ان هناك (معين لا ينضب) بدء ينضب شيئا فشيئا وضاع بين الزحام والتخلف وعدم الاهتمام الكثير من كوادرنا المسرحية في كل المجالات دون ان يأخذوا نصيبهم من الابداع والمواصلة في حركة مسرحنا العراقي .
حاولت دائرة السينما والمسرح في مهرجان المسرح العراقي السادس ان تلم شمل المحافظات في هذا المهرجان الذي جاء سريع وبلا تخطيط وبلا انتاجية معتمدا بذلك على دعوه مفتوحة لكل الفرق والمنظمات للمشاركة في هذا المهرجان , وفعلا حاول الكثيرين ممن سبق وان قدموا أعمالهم ل اعادتها من اجل المشاركة ؟؟والنتيجة لجنة المشاهدة واختيار العروض التي تكونت من أسماء لها ثقل في مسيرة مسرحنا برئاسة د.عزيز جبر وعضوية د.عواطف نعيم ود. مثال غازي د. عبدالرحمن عبد الحسين والفنان المبدع طه المشهداني .عملت اللجنة بكل مهنية وعلمية من اجل إظهار المهرجان وعروضه بالمستوى الذي يليق بتاريخ المسرح العراقي وشاهدت اللجنة ما يقارب ال75 عرضا مسرحيا لم تجد فيها ما يصلح للمساهمة في عروض المهرجان سوى عشرة عروض فقط ؟
وهذا يستدعي من دائرة السينما والمسرح ووزارة الثقافة الوقوف على هذا الانحدار وهذا النكوص في مسرحنا للأسف الشديد ..
معظم العروض التي شاهدتها اللجنة سبق وان عرضت سابقا في اماكن متعددة .ومن هذه العروض اللافت للانتباه( مسرحية واقع خرافي) للمخرج (جواد الساعدي) الذي كان يمثل مديرية النشاط المدرسي في صلاح الدين والمؤلف علي عبد النبي الزيدي
سبق وان شاهدت هذا العرض في مهرجان مديرية النشاط المدرسي السنوي على قاعة معهد الفنون الجميلة بغداد ,كان عرضا فيه لمسة احتراف في التمثيل والمنظر المسرحي لتجسيد موضوعة فكرية بأسلوب اقرب الى الخيال او الحلم بسخرية عالية لواقع خرافي فعلا ( حكاية ميت يقيم عرسا مع الاموات ويؤلف نشيدا وطنيا لعالم فضفاض ساحر مليء بالموسيقى <علما هذا النص من النصوص المهمة التي كتبها الزيدي، حيث يجسد الواقع العراقي بكل ملابساته والتباسه بصورة درامية تعتمد الرمز والإيحاء والتأويل.
الصراع بين ميت يرفض العودة للحياة للوطن ، بينما هو يرفض العودة لأسباب ترتبط بالظلام المحيط ببلاده وأنهار الدم والحروب. وهناك من يخبره على لسان ملك الموت انه ليس ميتاً وعليه العودة إلا أنه يرفض ويصر على البقاء في قبره، الذي صار وطنه الاثير ، فالقبر أرحم من وطن ينكر أبناءه وضحاياه. والذي ينمي هذا الحال تدخل الزوجة والرجل الميت الاخر كل يفكر بنوازعه الذاتية دون النظر الى ذاتية الميت وارتباطه بقبرة ؟؟ وايضا يريد النص أن يوجه الرسالة التي تضمنها العرض هي لا وطن بدون مواطن حر التفكير وقرار المصير وحرية التعبير .. أ
الفنان المبدع جواد الساعدي اراد ان ينقل المعاناة والهموم التي دفعت الانسان ان يتمنى الموت ويفضله على هذه الحياة البائسة لأنه فقد لذة الشعور بالأمن والسلام … ولكن يبقى باب الامل من وجهة نظر المخرج غير موصد لكل طموح
اعتمد المخرج عنصر التشويق والغرائبية في الطرح ومحاولة ربطها بالواقع الراهن والى فترات عصيبة تركت اثرا في نفوس الناس عميقا
بعبارات قصيرة مع مسحة تهكمية غلبت على مجمل العرض مبنية على المفارقة التي بناها النص ( من خلال خطأ ,,ملك الموت ( يستشهد عواد بن حليمة نتيجة تشابه أسمه مع عواد بن حليمة الاصلي)وان ملك الموت هو المكلف بقبض الارواح كان سببا في هذا الخلل

ولكي يهرب المؤلف والمخرج من مقص الرقيب لجرأة النص يستعين بيافطة تنزل في نهاية العرض كتب عليها ( يوتوبيا)مستفيدا من ادب المدينة الفاضلة او الطوباوية و(اليوتوبيا باليونانية
هي مكان خيالي قصي جدا وهي ضرب من التأليف او الفلسفات التي يتخيل فيها الكاتب الحياة في مجتمع يزخر بأسباب الراحة والسعادة لكل بني البشر ,
كان العرض الذي قاده الفنان المبدع جواد الساعدي رقص على جراحاتنا بأسلوب اقرب الى الحلم رغم واقعه المرير والخرافي فعلا

يقول المخرج لو اتيحت لي امكانية اخراج هذا العرض مرة ثانية بإنتاج مفتوح ل احدثت تغيرات في السينوغرافيا للعرض على سبيل المثال ( كنت اضع فوق كل شاهد قبر شاشة عرض بلازما يعرض عليها قصة حياة هذا الميت وذكرياته وطريقة موته يحكيها الميت نفسه ,,ول استخدمت ادوات اكثر تطورا وتقنيات الكترونية للتعبير عن ملك الموت مثلا وجعله اكثر عمقا))
من خلال هذا الفكر المتطور الذي يحمله المخرج لعرضين احدهم في معهد الفنون الجميلة والاخر في مسرح الرشيد تنوع في الطرح وفق الامكانيات المتاحة للعرض وطموحه يزداد كلما سنحت مساحة الانتاج لعروضه المختلفة ..
واقع خرافي عرض مسرحي مشاكس يثير فينا الالم ويجعلنا نفكر بحلم كبير ؟

د. عزيز جبر الساعدي
مخرج وممثل وكاتب مسرحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *