تقرير : سجاد سفيح
“تتصارع عندي ارادة سبعة الاف سنة لشعب يقاوم من اجل البقاء”، هكذا تصف الشابة روميتا شموئيل ذات العشرين عامًا، وهي تستذكر المجزرة التي تعرض لها الاشوريين في 1933، والتي عرفت باسم “مجزرة سميل”.
وفي العام المذكور، وجهت حكومة رشيد عالي الكيلاني، الفريق بكر صدقي لقمع انتفاضة الاشوريين في لواء الموصل المتكون من محافظتي (دهوك، نينوى) حاليًا، وراح ضحية لذلك نحو 6 الاف مسيحي عراقي، نتيجة استخدام القوة المفرطة بحقهم.
وهنا تقول روميتا شموئيلـ لـ وكالة اسرار الاخبارية (سنا)، ان “كل الحملات الوحشية التي عاشها اجدادنا، تتجسد لدي وانا اتحدث عن هذه المجزرة. ويراودني نفس الألم الذي شعروا به في تلك اللحظة، التي فقدنا فيها الاف من الرجال و الاطفال و الاف من الفتيات و النساء، حيث اريقت دماء شعبنا و انتهكت كرامتنا على ايد قوة سلطة غاشمة والجماعات التي ساندتها للنيل منا”، مستدركة باستغراب: ان “ذلك كله فقط لان الشعب الاشوري طالب بحقوقه الشرعية ! وهو شعب اصيل في هذه الارض ولم يكن حديث العهد عليها”.
وسميل هي بلدة تعبد عن دهوك حوالي ١٢ كيلومتر، في ٨ اب دخلت قوة بقيادة قائمقام زاخو وطلبت من الأهالي تسليم أسلحتهم ويحتموا بالمخفر وأنهم بأمان مادام العلم العراقي يرفر فوقه، لكنهم لاقا نفذوا فيهم مجزرة وصفت بالدموية.
ويسرد العقيد البريطاني ستافورد، الذي كان ملحقا عسكريا في الجيش العراقي بالموصل، انه “عندما دخل الضابط في الجيش العراقي إسماعيل عباوي برفقة الفرقة المدرعة إلى البلدة طلب بفصل نساء والأطفال عن الرجال. ثم بدأت المجزرة واستمرت فترة من الوقت، فلم يكن هنالك داع للاستعجال لكن تم نصب رشاشات المدافع في شبابيك الغرف التي وضع بها الرجال”، مضيفا انه “وبعد أن تم جمع اكثر عدد ممكن من رجال داخل الغرفة تم إطلاق النار ولم يبق أحدًا منهم واقفًا”.
واشار ستافورد الى استخدام الجيش انذاك اسلوب آخر “أظهر فيه الجنود تعطشهم للدم فقاموا بسحل الرجال وإطلاق نار عليهم، ومن ثم جمعهم على شكل تلال من الجثث”.
وبالعودة الى روميتا فانها ترى بأن “أحد الأسباب التي جعلت من الاشورين أقلية في العراق، هي هذه المجزرة التي تعرض لها أبناء الشعب الاشوري بالإضافة إلى القتل فقد هجر الكثير منهم إلى سوريا ودول اخرى، ومن ثم سلبت أراضيهم”.
وتوضح روميتا سعي الشعب الاشوري بتسليط الضوء على هذه المجزرة والاستمرار في تحريك الموضوع لدى الأمم المتحدة، والجدير بالذكرى قد قدم مجموعة من أعضاء الكونغرس مشروع قرار الاعتراف بمجزرة سميل.
وتطالب روميتا الحكومة بـ”انصاف ضحايا هذه المجزرة المؤلمة. وان تعترف بحق الشهداء، لأنهم مسؤولية على الجميع تحملها”، مشددة على ضرورة ان “تقوم حكومات ما بعد ٢٠٠٣ الاعتراف بخطأ الماضي، لكي نستطيع تثبيت حقوقنا في الحاضر والمستقبل لنضمن العيش المشترك. وليتسطيع الشعب الاشوري الاحساس بالعودة لموطنه الأصلي”.
وفي 14 آب الحالي، فان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وخلال استقباله وفد مطارنة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، برئاسة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، والذي ضم عدداً من المطارنة من مختلف محافظات العراق، ودول الجوار، وأوروبا، وأمريكا، دعا المسيحيين المهاجرين إلى العودة لبلدهم.
لكن هذا ليس كافيا، فروميتا تدعو الحكومة الى “تقديم التعويضات لذوي شهداء ومهجري المجزرة، وتحقيق ابسط مطالبنا وهو بناء نصب تذكاري لروح الشهداء بدلًا من تسييج المكان ومنع زيارته”، لافتة الى ضرورة “تشريع قانون يحمي السكان الأصليين وعلى رأسهم الاشورين وبقية الأقليات، فالاشورين منذ تأسيس الدولة العراقية والى اليوم هم في صراع مستمر لنكران قوميتهم وهويتهم وتعرض آثارهم للتخريب والدمار وهي إثارة مقدسة عند الاشوريين، ومنها اللغة الاشورية التي باتت معرضة للاندثار بسبب التهميش والقمع الذي تعرضت له الشعب الاشوري”.