بقلم: اللواء الدكتور سعد معن الموسوي
في أجواء عيد الميلاد المجيد، حيث تجتمع القلوب على المحبة والسلام، نتوقف أمام رسالة الميلاد الخالدة التي جاء بها السيد المسيح، كلمة الله وروح منه، الذي ولد بمعجزة أضاءت العالم بالمحبة والأمل. يقول الإنجيل: “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة” (لوقا 2:14). ويقول القرآن الكريم: “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” (آل عمران: 45).
في إحدى لقاءاتي، التقيت برجل مسيحي عاد إلى العراق بعد سنوات طويلة من الغربة. سألته لماذا ترك حياة الراحة في الخارج ليعود؟ فأجاب بابتسامة وكلمات من القلب: “احنا طلعنا من العراق، بس العراق ما طلع من عدنا”. كلمات بسيطة، لكنها لامستني بعمق وأكدت لي أن الوطن مو شعور يمشي ويانا وين ما نكون.
ومع إعلان مجلس الوزراء عيد الميلاد المجيد عطلة رسمية ، نجد في هذه الخطوة دعوة صادقة لتكريس قيم العيش المشترك، وتقديرًا للسلام الذي تنادي به رسالة الميلاد. في بلد مثل العراق، الذي يتزين بتنوعه الديني والثقافي، يصبح عيد الميلاد عيدًا للجميع، وفرصة ذهبية لتجديد المحبة ولمّ الشمل بين أبنائه.
بهذه المناسبة الجميلة، أبارك لأخوتنا المسيحيين في العراق وكل العالم عيد الميلاد المجيد. عسى تكون أيامكم مليانة بالفرح والمحبة، وتكون هالمناسبة فرصة جديدة لتقريب القلوب ولمّ الجراح
إن العراق، بما يحمله من تنوع ديني وطائفي، هو صورة نادرة لوحدة إنسانية عميقة، حيث تتجاور الكنائس مع المساجد، وتتلاقى الأعياد لتصبح أعيادًا للوطن كله. واليوم، ونحن نستذكر ميلاد المسيح، الذي دعا إلى السلام والمحبة، ندعو كل عراقي في المهجر أن يعود إلى حضن هذا الوطن العظيم.
العراق يحتاج أبناءه، من أطباء ومهندسين وعلماء ومبدعين، ليعيدوا بناءه كما يعاد بناء الروح في أعياد الميلاد. ليكن ميلاد المسيح مناسبة لإحياء أمل جديد في وطن نعيد إليه مجده بحبنا وإخلاصنا.
كل عام وأنتم والوطن بألف خير.