رسالة الى السيد رئيس الوزراء المحترم بعنوان (محرمات السكك، والتكتك، وتجاوزات اخرى)

بقلم: د. سلام قاسم

السيد رئيس الوزراء المحترم
اعتقد أن الوقت قد حان للقيام بحملة جادة لإعادة هيبة الدولة، دون النظر الى تلك الجهة السياسية التي تقف وراء دعم المتجاوزين على اراضي الدولة ومؤسساتها.

الديمقراطية بدون قانون يحميها تتحول الى فوضى. إذا سمحت الدولة لمتجاوز واحد الوقوف بوجهها أو تعاطفت معه، فمعناه انها سمحت بفتح باب التجاوز على مصراعيه.

هيبة الدولة يجب أن تفرض ابتداءً من الشارع، إذ من غير المعقول أن يترك بعضهم حيواناته سائبة حتى الليل، وقد سببت حوادث مميتة في الكثير من المناطق.

دولة الرئيس، يجب تشديد القوانين بحق المتجاوزين، وأن تصادر تلك الحيوانات السائبة، ويُغرم ويُحبس من يراجع لاستردادها ولا يخرج من مدة السجن التي تحدد له إلا بعد وجود كفيل يتعهد بعدم تكرار تركه لحيواناته سائبة، وإفهامه أن العقوبة تكون مضاعفة لاحقا، أما إذا تساءلنا وماذا سيكون تصرف مالك الحيوانات حينئذ؟ الجواب، بالتأكيد سيرتدع ويوصي الآخرين بالحذر من أن يحدث لهم مثلما حدث له.

في ذات الوقت يجب أن يسن قانون صارم ضد كل من يتجاوز على محرمات السكك، إذ ليس من المعقول أن تتسابق السيارات لعبور السكة، بينما القطار واقف ينتظر سائقه أن يفرغ الشارع، كل ذلك تحت مرآى رجال المرور.

أما في مناطق المحمودية والشالجية، حيث كثر المتجاوزين على محرمات السكك، ما إن يقترب القطار القادم من الجنوب من مدينة المحمودية حتى يضطر أي سائق له إلى الإبطاء بسيره وأحيانا إلى التوقف تماما، نظرا لعبور السيارات أو قطعان الماشية أو حتى لمزاحمة المنازل العشوائية القريبة من خطوط السكك نفسها، والتي تتقلص المسافة فيها إلى المتر والنصف أحيانا، وهذه المناطق في كل دول العالم لها حرمتها ولهذا تسمى محرمات سكك. كأننا في غابة وليس في دولة لها نظامها.

يقول أحد العاملين في المنشأة العامة للسكك الحديدة: “القانون لا يحمينا، والعشائر تلاحقنا، حتى أن الكثير من السواق أصدقائي تركوا المهنة لملاحقتهم عشائريا”. نعم، فكثير من سواق القطارات تركوا المهنة لأن العشائر تلاحقهم ما إن يدهس لهم القطار بقرة أو معزة، فكيف إذا دهسوا واحدا من صغارهم. وكما قال سائق القطار فإن القانون لا يحميهم، لذا يجب التشدد بالقوانين لفرض هيبة الدولة.

اما اصحاب ما يسمى بـ(التكتك) تلك اللعنة التي حلت على أهل بغداد وشوهت مدينتهم الحضارية، فتلك مصيبة ما بعدها مصيبة، صبية صغار لا تتجاوز اعمارهم الثالثة عشر من العمر، يقودون تلك المركبات، ويا ويل الذي يقترب منهم، أو ينتقدهم، أو يصطدم بأحدى مركباتهم، فالملاحقة العشائرية حاضرة، وأصحاب (التكتك) سوف تراهم يجتمعون بلحظة للانقضاض على فريستهم، وبالتالي أما أن يدفع لهم، أو أن تعمل سكاكينهم المشحوذة عملتها.

دولة الرئيس، أما حكاية الاسواق المنتشرة داخل الأفرع والشوارع العامة وبين بيوت المواطنين فتلك كارثة بحق، ولكي ترى بنفسك ذلك، ادعوك لزيارة منطقة نهاية حي أور، حيث هناك سوق شعبي لمتجاوزين يقدر عددهم بالمئات، هؤلاء يقطعون الشارع العام، وبتعاون تام مع مدير البلدية، حتى أن اغلب سكان المنطقة باعوا منازلهم بسعر زهيد للخلاص من الوضع المزري. اصحاب تلك الاسواق يدفعون الرشاوى الى مدراء البلديات، بل حتى لقوات الطوارئ المرابطة في المناطق التي يكثر فيها التجاوز.

دولة الرئيس، أنك تعرفني عن قرب، أنا لا اجامل ولا أجمل الأشياء، مثل الذين نجحوا في الوصول الى بعض المناصب الزائلة، وغلقوا هواتفهم وصموا آذانهم، عن خدمة ابناء شعبهم، وراحوا يجملون الاشياء. نعم هناك اعمار حاصل في البلد وهناك نهضة عمرانية ملحوظة، خصوصاً في مجال الطرق والجسور والمجمعات السكنية، خاصة في مناطق الكرخ، وقد كتبنا عنها كثيرا، وهذا جهد يحسب لكم، لكن في ذات الوقت يجب أن تقوم مؤسسات الدولة بواجبها وتمنع التجاوز، وتسن القوانين للمحافظة على جمالية المدن وحفظ الأمن والنظام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *