تقرير / علي عبد الزهرة
تفاجئ سامان خدر من عدم وجود معبد لديانته في بغداد، رغم تواجد ابناء ديانته في العاصمة العراقية منذ مئات السنين، الامر الذي جعله يتساءل بقوله : “هل نحن موجودون فعلاً في بغداد؟”.
وسامان خدر شاب ايزيدي (34 عاما) من سنجار، وصل الى بغداد بعد سيطرة تنظيم “داعش” الارهابي على مدينته في آب 2014، حيث نفذ مسلحو التنظيم هناك ابادة جماعية بحق الايزيديين.
ويقول خدر، في حديثه لـ وكالة اسرار الاخبارية (سنا)، ان “وجود دين معترف به يعني وجود معالم خاصة به، ولا سيما المعابد من اجل ممارسة الطقوس الدينية فيها”، لكنه استدرك قائلا : “هذا الامر لم اجده في بغداد مع الديانة الايزيدية، فلم اجد اي معبد او مركز ثقافي للديانة الايزيدية، رغم ان العاصمة بغداد فيها ديوان الاوقاف المركزي والذي فيه قسم مخصص للديانة الايزيدية”، وهو ما وصفه بـ”المفارقة”.
وينص الدستور العراقي في مادته الثالثة بالفقرة (ثانيا) على ان (ضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين،والإيزيديين، والصابئة المندائيين)، ولم يقف الدستور عند هذا الحد بل راح يؤكد في باب الحقوق والحريات وهو الباب الثاني من أبواب الدستور على تعزيز حرية المعتقد الديني، وكذلك الامر في نص المادة (43) / أولا بان (أتباع كل دين أو مذهب أحرار في: 1- ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية .2- تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها).
اكثر من 3000 ايزيدي في بغداد
عضو مجلس النواب العراقي النائبة د. خالدة خليل، وهي من المكون الايزيدي، اكدت خلو العاصمة بغداد من اي مركز لممارسة الايزيديين عبادتهم فيه، عازية ذلك الى مركزية معبد لالش واهميته في هذا الجانب، إذ يحج له الايزيديون من مختلف المحافظات والمدن، ليمارسوا الطقوس الدينية فيه.
ليس هذا وحسب، بل ان العاصمة تخلو ايضا من المراكز الثقافية الخاصة بالديانة الايزيدية، تقول خليل لـ(سنا)، وتستدرك : “اعدادنا في بغداد قليلة الان، 50 عائلة فقط، لذلك لم يكن هناك تحرك جدي لانشاء مركز ثقافي للديانة الايزيدية ببغداد”.
لكن على الرغم من ذلك، يقول الباحث في الشأن الايزيدي خلدون سالم النيساني ان “المديرية العامة لشؤون الأيزيديين في بغداد حاولت مرارا وتكرارا الحصول على قطعة ارض لتكون مركزا ثقافيا ايزيديا في بغداد ولكن ذلك لم يتحقق”.
ويضيف النيساني لـ(سنا)، ان بغداد تخلو من اي معابد للايزيديين، رغم ان اعداد الايزيديين القاطنين فيها يصل الى اكثر من 3 الاف ايزيدي.
“هناك نحو 80 عائلة، بالاضافة الى التجار واصحاب المحال والاعمال، فضلا عن العمال يصل مجموعهم الى اكثر من ثلاثة الاف ايزيدي في العاصمة بغداد”، يؤكد النيساني ذلك، ويشير الى ان “العدد في السابق كان اكثر من ذلك بكثير”.
“الحريات في العراق لا تزال متأرجحة”
هذا الامر، يراه الناشط في شؤون الاقليات ايوب حسن، يزيد من “تهميش الايزيديين”، ويضيف لـ(سنا)، ان “الايزيدي اليوم ورغم كل التعاطف المحلي والدولي مع قضيته إلا انه لازال مهمشا ويرى نفسه كذلك، ويعيش كمواطن من الدرجة الثالثة وليست الثانية حتى”.
ويتابع حسن بالقول: اننا في بلد لا تزال الحريات فيه تتأرجح، والديمقراطية قيد البدء، بعد عصر طويل عاشه في ضل نظام عزل الشعب عن العالم اولاً، ثم عزل مكونات الشعب عن بعضها البعض ثانياً، وما تلاهما من زرع الطبقية والتمييز بشكل متسلسل.
ولكل هذا، يجد الناشط في شؤون الاقليات، ضرورة العمل على اعادة بناء الثقة بين المكونات، والمسؤولية الاكبر تقع هنا على تلك المكونات بأن تضع امامها قضية الدفاع عن هذا المكون (الايزيدي) ومساندته لا ان تتركه وحده يصارع كل ما تعرض له، ولعل ابسط ما في الامر هو منحه حريته في ممارسة طقوسه في بغداد ايضا. / انتهى 0