بقلم: علي عادل
مع اشتداد الأزمة في لبنان وتفاقم الحرب الجارية بين حزب الله واسرائيل ونتيجة لتصاعد الصراع وخاصة في مناطق الجنوب، توجه آلاف اللبنانيين إلى دول الجوار طلبًا للأمان، وكان العراق من بين الوجهات التي استقبلت أولى دفعات اللاجئين حيث استقبل العراق حوالي حوالي 11,700 لاجيء لبناني غالبيتهم من النساء والاطفال من العائلات التي فرت بسبب العمليات العسكرية بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مع مخاوف من تصاعد الصراع في مناطق الجنوب وانتقالها الى مناطق اخرى من لبنان.
منذ اللحظات الأولى لوصول اللاجئين اللبنانيين إلى العراق، أظهرت الحكومة العراقية والحكومات المحلية دعماً إنسانياً قوياً خاصة في المحافظات المستقبلة مثل النجف و كربلاء وصلاح الدين حيث استوطن اغلب اللاجئين في هذه المحافظات، وذكرت بعض التقارير أن السلطات المحلية في النجف دعت لتوظيف الأطباء اللبنانيين في القطاع العام، كجزء من مبادرة لتخفيف الضغط الاقتصادي الذي يواجهه اللاجئون ، فيما اعلنت الحكومة المحلية في صلاح الدين عن تزويد العوائل اللاجئة بـ 25مبلغ مئتان وخمسون الف دينار عراقي كمساعدات مالية بالاضافة الى تجهيز مجمعين سكنيين كل منهما يضم 500 شقة في بلد وتكريت لاستيعاب الوافدين الإضافيين وقد تم التخطيط لصرف المزيد من الدعم المالي من قبل محافظ صلاح الدين. بالإضافة إلى ذلك، تعمل إدارة التعليم المحلية في الدجيل على تسجيل الأطفال اللبنانيين النازحين في المدارس، كما ظهرت عدة مبادرات اجتماعية لتقديم الدعم مثل فتح ابواب الدراسة مجاناً وتوظيف المهاجرين اللبنانيين. وبالرغم من الدعم الواضح الا ان هناك بعض الاحتياجات لا تزال بحاجة الى معالجة مثل الوصول الى الرعاية الصحسة والدعم النفسي وتوفير المواد الاساسية.
في المقابل هنالك مخاوف وقلق محلي في استضافة اللاجئين اللبنانيين حيث ظهرت هناك تكهنات تشير بأن اللاجئين اللبنانيين قد يُمنحون إقامة دائمة في العراق، وهو ما نفته الحكومة العراقية بوضوح حيث اكدت وزارة الهجرة العراقية أن استقبال اللاجئين يتم بدافع إنساني ولا يتضمن أي خطط لتوطينهم. اضافة لذلك ظهرت مؤشرات عن تعامل الحكومة العراقية بإزدواجية من حيث تفضيل اللاجئين اللبنانيين عن النازحين العراقيين والمهاجرين السوريين حيث يبلغ عدد النازحين العراقيين داخلياً اكثر من مليون فرد اغلبهم لم يحظوا بالدعم الحكومي مثل الدعم الحالي للبنانيين. بالاضافة الى الاجراءات الحكومية الاخيرة في التضييق على اللاجئين السوريين وخاصة في اجراءات اصدار وتجديد الاقامة. كما ان وزارة الهجرة تحاول تعبئة الجهود المحلية والدولية لدعم اللاجئين، الا انها لم تقدم الدعم الكافي للنازحيين العراقيين داخلياً ففي محافظة الانبار مثلاً هناك حوالي 18 الف نازح معظمهم من جرف الصخر يعيشون في مخيمات عشوائية منذ 11 سنة لم يتلقوا المساعدات من وزارة الهجرة الا مرة واحدة خلال تلك الفترة. كما ان هنالك مخاوف من ان استضافة اللاجئين ستشكل ضغوطات على موارد المجتمع المضيف والاسر النازحة خاصة في ظل الضعف الاقتصادي للعوائل العراقية ومواجهة العراق لتحديات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية والخدمات. كما ظهرت بعض خطابات الكراهية ضد اللاجئيين اللبنانيين واتهامات ومخاوف من انتمائهم الى حزب الله، مما قد ينعكس سلباً على الوضع الامني في العراق.
لطالما كان العراق وجهة للاجئين المتأثرين بالصراعات تاريخياً، خاصة من سوريا وفلسطين مع ترحيب مجتمعي كبير. لكن الوضع الحالي قد يختلف كون العراق يعاني من آثار الحروب والنزاعات الداخلية ما يفرض على الحكومة خلق توازن في التعامل بين النازحين العراقيين والمهجرين اللبنانيين، اضافة الى ان استقبال اللبنانيين قد يمثل اختباراً لقدرة البلاد على التعامل مع الازمات الانسانية بصورة تعكس الدعم الرسمي والشعبي والتزام العراق بالمباديء الانسانية في ظل التحديات الاقتصادية والامنية والسياسية.