كلية الإعلام والعمادة بدون أصالة أووكالة!

صورة: العميد المزور عمار طاهر

قرار المحكمة الاتحادية الأخير حول اصدار أمر ولائي يسمح باستمرار المناصب التي تدار بالوكالة دون تحديدة مدة زمنية، وتأجيل تنفيذ فقرة في قانون الميزانية تؤكد انتهاء كل الوكالات في 30/ 11/ 2023، يقتضي مناقشة هذا الملف باعتباره من أكبرملفات الفساد،فقد كانت الحكومات السابقة كلها تلجأ إلى التكليف بالوكالة لكي تتجاوز مصادقة البرلمان على المناصب وتنصيب المرشيحن أصوليا، فكانت الوكالة هي الصيغة التي تعتمدها الحكومة لوضع الأشخاص في مناصب مؤقتة، لمدة ثلاثة أشهر،كما يفترض، لكن عدم استحصال موافقة البرلمان جعل الوكلاء يستمرون في مناصبهم إلى مدة غير محددة،وهذه مخالفة قانونية،وصيغة غير شرعية، لذلك وردت فقرة في الميزانية تشير الى انتهاء هذه لظاهرة، ولكن الحكومة اعترضت والمحكمة الاتحادية وافقت على استمرار العمل بالوكالة!
سوف نختار نموذجا عن فوضى المناصب بالوكالة، في دائرة تعتبر صغيرة مقارنة بالوزارات والهيئات المستقلة،إنها كلية ضمن جامعة،تابعة لوزراة التعليم العالي والبحث العلمي، إنها كلية الإعلام في جامعة بغداد!
أنشأت كلية الإعلام في جامعة بغداد عام 2002، بعد أن ورثت القسم الوحيد في العراق(قسم الصحافة) في كلية الآداب الذي افتتح عام 1964، ثم تحول اسمه إلى قسم الإعلام عام1974، وتخرجت من القسم، ومن ثم الكلية، أجيال من الإعلاميين طوال أكثر من نصف قرن، وتفرعت من الكلية أكثر من عشرة كليات وأقسام للإعلام حكومية وأهلية في الوقت الحاضر.
هذه الكلية التي يفترض أن تكون منارة مضيئة وسط جامعة، وأن تكون قدوة في الإدارة والعمل العلمي الرصين، ولكنها ظلت تدار بالوكالة منذ تأسيسها،وفي السنوات الأربع الأخيرة تدار بدون وكالة ولا أصالة، فعميدها الحالي لم يعين وفق أمر وزاري أو أمر ديواني!
العميد بالوكالة السابق هو الزميل الصحفي الدكتور هاشم حسن، استمر في منصبه لمدة عشر سنوات عميدا بالوكالة، وعندما صدر أمر من مجلس الوزراء بانهاء تكليف العمداء بالوكالة في فترة الوزير الأسبق عبد الرزاق العيسى، تم استثناء عميد كلية الإعلام، واستمر في منصبه مخالفا لقرار مجلس الوزراء، الأمر الذي جعل عدد من اساتذة الكلية يلجأون إلى القضاء،في سابقة لا مثيل لها في تاريخ التعليم العالي في العراق، ومن ثم اصدار إنذار من كاتب العدل الى وزير التعليم العالي ورئيس جامعة بغداد وعميد كلية الإعلام بالوكالة، وذلك لتنفيذ القرار وإقالة العميد، لكن الإنذار انتهى وظل العميد في مكانه، حتى جاء الدكتور قصي السهيل وزيرا للتعليم العالي فقام بتفيذ القرار، وتولى عميدها الحالي الدكتور ( ع. ط) منصب العمادة وفق صيغة (تمشية الأمور) التي أبتدعها الوزير الأسبق قصي السهيل عام 2019، عندما أنهى عدد من العمداء بالوكالة،وسمح للمعاونين الإداريين ب(تمشية الأمور) حتى ترشيح عمداء جدد وتنصيبهم أصالة وليس وكالة، واستمر العمل بتمشية الأمور منذ أبع سنوات حتى اليوم، دون أي غطاء قانوني، فالعميد المزعوم يوقع الكتب الرسمية والشهادات والوثائق والصكوك ويوفد الى الخارج بصفة( ع/ العميد) واذا كان العميد الذي يوقع نيابة عنه غير موجود أصلا، فهذه هي المهزلة الإدارية التي تعد نموذجا للفوضى الادارية في ظل مناصب الوكالة!
العميد لتمشية الأمور الحالي سبق أن تولى منصب المعاون الإداري لمدة عشر سنوات في حين أن التكليف بالمناصب الإدارية الجامعية يكون لمدة عامين قابله للتجديد عاما واحدا فقط، حسب التعليمات النافذة، من اجل تداول المناصب بين الأساتذة ومنع التسلط والفساد!
أحد رؤساء الأقسام في هذه الكلية مستمر في منصبه منذ نحو عشر سنوات أيضا، وذلك لمجرد كونه تابع للعميد ومن عشيرته،رغم أن رئاسة القسم العلمي تكون لمدة عامين فقط!
الاستمرار بالمنصب وكالة ودون غطاء قانوني هو الفساد بعينه، ويصبح الأمر أكثر خطورة إذا شعر المكلف بالمنصب أنه يجلس على كرسيه مسنودا من جهة أو شخصية سياسية معينة، وأن ذلك يسمح له أن ينتحل صفات ليس مؤهلا لها قانونا ويترأس لجان ويصرح ويقدم نفسه بصفة ( رئيس لجنة عمداء كليات الإعلام) في العراق، علما أن اعضاء هذه اللجان من العمداء الأصلاء وهو عميد( تمشية أمور) وهذه هي الفوضى في ظل الوكالة الزائفة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *