بقلم: سنان السعدي
غالبا ما تكشف الانفعالات التي تصدر نتيجة الازمات نوايا الشخص المنفعل ضد خصومه , وفي الوقت نفسه قد يستفيد الخصوم مما يتحدث به خصمهم ضدهم فيكون ذلك بمثابة جرس الانذار الذي ينبههم الى ما سوف يكون ضدهم مستقبلا ، مما يدفعهم الى توخي الحذر والاستعداد لضرب الخصم الذي كشف عن نواياه مسبقا بعد ان فقد السيطرة على سلوكه الانفعالي وهنا سوف تكون الغلبة لمن يضرب اولا ، لاسيما وان الحلبوسي كان قد احاط نفسه بقطيع من المستشارين الانتهازيين ممن لا يتحلون بالشجاعة والثقافة السياسية والراي الراجح ؟؟ وبذلك يكون قد وضع نفسه في دائرة الخطر .
ما لاحظته من خلال خطاب السيد الحلبوسي في أخر ظهورين له في الاعلام بانه قد قام بفتح النار ضد خصومه ، الا ان من يحلل خطابيه الاخيرين يلاحظ بانه قد قام بفتح النار على نفسه وليس على خصومه دون ان ينتبه لذلك ، من خلال الخروج من دائرة الصراع السني الضيق الى دائرة اكبر شملت القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية . فبعد هدد واشار الى انه سوف يقوم بكشف المستور وهنا قد اوقع نفسه بالمحظور ؟؟ لاسيما فيما يتعلق بالجهات والقوى السياسية التي تعاملت مع الشركات الامريكية المشبوهة المختصة بالعلاقات العامة ؟؟؟ فضلا عن ذلك ان هذه القوى السياسية تخوض حاليا صراعا سياسيا مريرا من اجل حصد اكبر عدد من المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات التي توجه تحديا كبيرا ذلك التحدي المتمثل بالرفض الشعبي الكبير لهذه المجالس التي تمثل دكاكين رائجة للأحزاب ، مما يجعل هذه القوى رافضه لكل ما من شأنه ان يوثر على مكاسبها الانتخابية .
حديث السيد الحلبوسي للأنصاف لم يخل من الكثير المعلومات الصحيحة لكنه اضاعها وسط لغة التهديد والوعيد والسب والشتم امام جمهور متفاعل اغلبه جاهل , مما زاد من اندفاعه متناسيا ان هذا الجمهور المتعاطف هو ليس جمهوره وانما جمهور الريس ( جمهور المنصب ) وليس الشخص فأغالب المصفقين والمهللين هم من مطبقي مقولة ( الي يأخذ امي اصيح له عمي ؟؟؟؟؟ ) . لذلك كان على السيد الحلبوسي ان يظهر بشكل اكثر اتزانا فهو رئيس اعلى سلطة تشريعه في العراق لدورة وربع الدورة . فنتيجة لهذا الخطاب سوف يتوحد خصومة ضده ويضاف اليهم من خارج المكون السني .
يبدوا ان السيد الحلبوسي كان يعمل لوحده واستمر يعمل لوحده دون الاخذ براي مستشاريه الذين على يبدوا كانت مهمتهم التصفيق له وليس تقديم النصح والمشورة وما يؤكد لي ذلك خطابيه الاخيرين … فلو كان لديه مستشارين بكل ما تحمله الكلمة من معنى لما خرج امام الاعلام بهكذا خطاب . من المؤسف ان اندفاع واستبداد ( ليس من الضروري ان يكون الاستبداد في الرأي مضر دائما لكن المهم ان تعرف متى تكون مستبدا وهذا ما لم يفهمه الريس ) السيد الحلبوسي واحاطته لنفسه بالنطيحة والمتردية من الذين لم يعتادوا على نطق كلمة ( كلا ) امام المسؤول قد اضاع تجربة سياسية شبابية رائعة ، فالجميع يتفق حتى ألد اعدائه بانه يمتلك الكثير من الصفات التي تجعله من رجال الخط الاول لكن رفعت الاقلام وجفت الصحف ، فقد احتوى خطابية على الكثير من الهدايا المجانية لخصومة الذين سوف يستفادون منها قضائيا . اعتقد من حسن حظ السيد الحلبوسي ان يكتفي خصومه بالقضاء وحكم القضاء قد تذهب الامور الى ابعد من ذلك بعد ان لوح لا بل اكد بان هناك الكثير من الادانات الموثقة لديه ضد خصومه التي سوف يقوم بالكشف عنها في المستقبل القريب , لذلك انا اسال نفسي هل سوف ينتظر خصومه قيامه بكشف الجرائم الموثقة لديه ضدهم ام لديهم رأيا آخر والعياذ بالله .
لم اتوقع خروج السيد الحلبوسي بهكذا خطاب لا يمت للسياسة باي صلة ، خطابا يمكن وصفه بانه افقده نضجه السياسي الذي كان من المفترض انه كان قد اهله لترأس مجلسي النواب العراق والبرلمان العربي .
لقد سل السيد الحلبوسي مكياره مبكرا , مما قد يجعل حياته في خطر ففي بلادي لا يوجد ارخص من البشر ؟؟؟؟ . هنا يجب على العقلاء من المكون السني والمكونات الاخرى العمل على تطويق الازمة ما دام هناك متسع من الوقت .