قراءة في عرض (مسرحية C4 كلواذا) .. الموت المجاني بكل اشكاله في عصرنا الحالي

بقلم: د. عزيز جبر الساعدي

اذا كان الكتاب يقرأ من عنوانه ,فمسرحية (سي فور كلواذا) تحتاج الى معرفة معنى هذه التسميه ,؟؟اسم المسرحيه لغز فيه دلالات ينبغي معرفتها قبل الدخول لمشاهدة العرض ,تركيبة لغويه تأريخيه كما يحدثنا
(العم كوكل) كلواذا وتسمى أيضاً كلواذي هي مدينة تكلم عنها عدة مؤرخين من الإغريق والعرب والسريان، هذه المدينة كانت تقع على الساحل الشرقي لنهر دجلة أمام مدينة بغداد (الكرخ) وقد كان لبغداد باب خاص يسمى باب كلواذا نسبةً لهذه المدينة، هذه المدينة هي جزء من الرصافة وتشغل حالياً جزء من الكرادة الشرقية والأعظمية والزيونة، يعود تاريخ هذه المدينة إلى العصر البابلي.
وسي فور ؟ الذي يتبادر للذهن مشروب صحي المعروف عنها (زيادة الطاقة الذهنية والتركيز وصفاء الذهن; تقليل الشعور بالإجهاد) من جانب
والجانب المعتمد في هذه المسرحية القنبله الشديدة الانفجار ) فأصبح متن المسرحيه واضح للمتلقي ,
هذه الانعطافه الذكية في التسمية واحدة من عوامل الترقب والبحث للوصول لحيثيات الخطاب المسرحي وتفتح ذهن المتلقي فيما لو اقترن فعليا بعوالم الموت للواقعة التاريخية التي شهدناها في عصرنا الحديث بعد عام 2003 في مجمع الكرادة التجاري . واذا كان ذلك , فهذا العرض يصلح للذكرى, لتلك الواقعه في احتفالية تقيمها الدوله او المنظمات الانسانيه ..
سي فور عرض فيه اكثر من اشكالية تجعلنا نتوقف كثيرا في التاليف والاخراج والتمثيل ,
مقدرة المبدع ماجد درندش في تجسيد نصا فيه تركيبة فلسفية للموت والحياة رغم ازلية هذا الموضوع الا انه تفرد بلغة بسيطه شعبيه محورها الانسان الذي لا يفتخر ب أنتمائه لهذا العصر ,العصر الحديث الذي كثرت فيه الحروب والحصار وتفشي الفقر والجهل والصراعات بكل فنونها ,في هذا النص رغم كثرة السرد فيه تناول الصراع العمودي بين الانسان والرب وسخطه من الويلات التي تطحن الروح والعاطفة ؟ ولا توجد استجابة من الرب لها ؟ متناسين ان الرب ليس له علاقة بسلوك وتربية البشر وان كل ما يجري هو من سحر الشيطان في دواخلنا نحن البشر, الميال الى الشر مبتعدا عن الخير والتسامي وأنتصار القيم والفضيلة ,
المرأة) تلك الامة المجروحة بالفقد الدائم على مر العصور أتخذها المخرج بؤرة الاحداث يشاركها (الابن) الذي يمثل كل الاجيال التي ماتت او أستشهدت والتي سخر من هذه التسمية الابن ضمن صراع الموت والحياة والتي لا زالت مستمره بالفقد والضياع ,
صراع بين الالتصاق بالحياة والفناء الابدي وعدم التصديق بما يجري وكأنه حلم لم يستطع الابن او الام تصديقه بحجج الشهادة تارة والكاتم تارة اخرى والانفجارات التي تحرق الاخضر واليابس تارة اخرى بلا مبرر سوى اسقاط جهل ذاتي لمعنى الحياة وقدسيتها كما ارادها الله ,يعزز هذا الفهم المخرج من خلال صندوق التاريخ , والقبر تارة اخرى , وهنا نقول للاسف الشديد معظم عروضنا المسرحية منذ 2003 وليومنا هذا لم نجد مسرحية فيها سحر بصري جمالي اخاذ يمنحنا الهدوء والايحاء الدلالي للعرض (عروضنا عاريه الا مايستر العورة ),نعتمد على النص وحركة وعطاء الممثل وبما يسمى سينوغرافية بسيطه للعرض )لا اكثر من ذلك وهذا عيب في مسرحنا الذي كان يتبارى فيه خيرة العاملين في تجسيد المناظر المسرحية والاضائة رغم بساطتها ولكنها كانت محملة بقيم ودلالات جميله في احيان كثيرة تنقذ العرض من الفشل . فقدناها بسبب ضعف الانتاج (وهنا نقول (ما حاجتنا لمهرجانات عالمية تحضر فية (الهام شاهين) ونصرف كل هذه المبالغ من المال وعروضنا بائسة انتاجيا ومنظريا؟؟
العرض لم يجسد لنا القيمة الانسانية العظيمة للشهادة كما جاء في كلمة المخرج بل عمل لنا بصيص أمل من ضوء في نهاية المسرحية وقبل اسدال الستار أطفئه للاسف ,
وعلينا الاعتراف ان المخرج عمل كل ما يستطيع عمله ضمن المعطيات التي نوهنا عنها ,وقد برع في اخضاع ديكور محمد النقاش في أعطاء أكثر من دلالة موحية جميلة بدءأ من السجلات القديمة الى حركة المجموعة في عوالم الموت السحيقة ,واستثمار قدرات الشباب في تجسيد لوحات جسمانية جميله وايضا
كان لتواجد الفنان الكبير ماجد درندش والفنان سعد محسن والوجه الجديد (بالنسبة لي )اسراء رفعت دورا كبيرا في الحفاظ على ايقاع العمل والمحاولة في ربط الاحداث لولا ضياع بعض الجمل التي قيلت همسا ولم أفهم مايقولون فضيعت علينا متعة المطاولة مع السرد الكثير في النص
ولانها مسرحية شعبية تؤرخ لحدث اليم مررنا جميعا فيه كانت الازياء مناسبة نوعما
كنت اتمنى ان اجد في هذا العرض الشعبي طرحا فيه صور جمالية وافكارا تناقش العقل الجمعي الذي يستنشق كل جمال المسرح وتجلياته . ولم يتحقق ذلك الا بالابتعاد عن التقريرية وبعض الخطابات المباشرة التي تبعدنا عن عناصر الدهشة والجمال ,اخيرا نقول :
في الحركة بركة وجميل ان نتواصل مع مؤلف له خبرته في المسرح تمثيلا وأخراجا المبدع ماجد درندش وممثل يسانده بالعطاء سعد محسن الذي لم يوفق كثيرا في انتشال نفسه من تمثيل التلفزيون الذي برع فيه وممثلة رقيقة تصلح كمشروع ممثلة راقية مستقبلا (اسراء رفعت ) ومجموعة رائعة ومخلصه لعملها من الشباب , ومخرج ذكي (ابراهيم حنون)يعرف مكامن اخطائه فيتجاوزها في كل عرض ,نتمنى لهم جميعا الموفقية والنجاح في اعمال قادمة بشرط أن يتوفر لهم الانتاجية التي تليق بالجهد المبذول لهذا العطاء . شكرا لكادر العمل الذي أرخ لنا فلسفيا علاقة السي فور مع كلواذا العصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *