اصحاب البشرة السمراء.. عراقيون يطالبون بانهاء “الارهاب المجتمعي” بحقهم

تقرير/ إخلاص الأميري

في الوقت الذي يبدأ الاخرون صباحاتهم بسماع أعذب الكلمات بصوت “فيروز”، كانت مريم احمد (25) عاما، تبدأه بسماع أبشع الكلمات وأقساها، فقط لانها ذات بشرة سمراء، وتقول هنا مستهجنة “نحن في عام 2021 ولا يزالون ينظرون الينا كعبيد.. نحن مواطنون عراقيون”.

وحتى يومنا هذا، لا يزال أصحاب البشرة السمراء يُعانون من نظرة المجتمع اليهم بتمييز عنصري على اساس لون البشرة، والتنمّر بشكل شبه دائم.

وتضيف مريم، انها “كثيرا ماكنت اشعر بالاهانة، وهو إحساس لايمكن وصفه، لكن دائما أتجنب الرد على اولئك بطريقة عنيفة، لأنني اؤمن بانه من المعيب ان أواجه العنصرية بسلوك يشبهها، لذلك لا أمارسها على أصحاب البشرة البيضاء”.

ليست مريم وحدها من تعكر العنصرية صفو حياتها، بل يصل الامر الى ابعد من ذلك مع أمل كاظم (41)عاما، التي تقول ان اخوتها الاربعة الاخرين، فقدوا عملهم بسبب التمييز العنصري، والتنمر عليهم من ارباب العمل، حتى على مستوى بعض الدوائر الحكومة.

وتستشهد أمل بما حصل مع اخيها علي، الذي كان يعمل بصفة عقد في وزارة الكهرباء، وفسخ مديره العقد، لانه لا يرغب بـ”اسود” في مكتبه، حسب تعبيره.

حادثة علي لم تكن الأولى مع ذوي البشرة السمراء، فمنتصر علي ، وهو عامل في إحدى المحلات التجارية لبيع الملابس كان مجبرا على العمل شفتين كاملين أي مايقارب 14 ساعة متواصلة، وعند اعتراضه ومحاولته الحديث مع صاحب العمل لتقليل الساعات تعرض فورا الى الطرد وبدون أجور الأيام الأخيرة التي عمل فيها.

ما يصفونه اصحاب البشرة السمراء بـ”الارهاب المجتمعي” الذي يتعرضون له، لم يتوقف عند حد معين، بل حتى وصل الامر الى منع احمد مهدي البالغ من العمر (31) عاما، من الزواج بحبيبته فقط لانها “سمرة”، على الرغم من كونها “انسانة متعلمة ونحن متفاهمان في مختلف جوانب الحياة لكن اللون كان عائقا إمامنا”، بحسب حديث مهدي الذي اكمل متحسرا بقوله “بعد محاولات عدة لإقناع أهلي الارتباط بالإنسانة التي أحبها لم يقتنعوا، واجبرت على ان أتخلى عن حبي الوحيد بسبب نظرة المجتمع الدنيئة”.

هذه النظرة إلى ذوي البشرة السمراء، عزاها أستاذ علم الاجتماع في مدينة البصرة، عباس قاسم، الى التنشئة الخاطئة في المجتمع، حيث اصبح ذوو البشرة السمراء بسببها يعانون معاناة كبيرة وكأنهم مقيمين وليس عراقيين، وان كانوا عراقيين فهم من الدرجة الثانية بنظر أبناء البلاد، وهذه نظرة خاطئة، فهم مواطنون عراقيون والقانون يمنع التمييز العنصري بحقهم.

من جهته يرى الخبير في شؤون التنوع سعد سلوم، انه لايمكن تغيير ثقافة مجتمعية راسخة منذ ألاف السنين بسهولة او سرعة، لكن في المقابل البدء بالتغيير امر ضروري اليوم قبل الغد، داعيا الى إضافة الكثير من المواد الدراسية التي تعزز ثقافة التنوع والمساواة وتقبل الاخر والتي من دونها لا يمكن إحراز أي تغيير في المجتمع.

هذا يطالب اصحاب البشرة السمراء بضرورة سن قانون “حماية التنوع ومنع التمييز”، الذي لا يزال في ادراج مجلس النواب العراقي.. لتجريم كل من يدعو الى التمييز العنصري، وبما يضمن مشاركتهم داخل المجتمع العراقي. / انتهى 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *